هل يكون العمر مانعا للحب ؟

0


 ***

في دراسة عن علاقة معدل الطلاق بالعمر نشرها موقع أتلانتيك تقول أنه كلما زاد الفرق بين الزوجين زادت احتمالية الطلاق. إلا أنها تقر في الوقت نفسه أن لكل قاعدة استثناءات وتردف بمثال واحد لامرأة زوجها اصغر منها ب32 عام متزوجين منذ عام 2000 ومازال الزواج ناجحا.

بالتأكيد ليس ذلك هو الاستنثاء الوحيد. فيوميا نسمع عن حالات نجاح زواج مع فرق في السن وغالبا ما يكون كبيرا لإثبات أن السن ليس هو العامل الرئيس في علاقة انسانية جمّة المعاني مثل الزواج.

ولقد خُصِصَت جهود فردية أو مؤسسية صفحات للتواصل الاجتماعي وقنوات علي اليوتيوب وصحف خاصة بالعلاقات الاجتماعية والصحة النفسية تصدح بتجارب نجاح زواج الكثيرين مع فرق العمر.

فلماذا إذن ؟.

كيف يمكننا أن نعامل الأشخاص وهم يمتلكون قلوبا وأرواحا علي أنهم أشياء أو اطراف لمعادلات رياضية حسابية أو مركبات كيميائية تتفاعل مع بعضها لنثبت نتيجة ما ؟.

وكيف يمكننا أن نخضع الحب وهو عاطفة من أقوي دوافع الإنسان الداخلية إلي القياس مع اختلاف العوامل والظروف لكل حالة منفردة ثم في النهاية نضعها في قالب واحد ونقول هذه هي النتيجة وبذلك نكون قمنا بإلغاء أي احساس بين اثنين.

الأمرّ من ذلك أن نضع الحب والزواج في محكمة محلفيها هم الناس. فيقول واحد هي تستغل أمواله ويقول آخر هو يستغل جسدها ويردف ثالث إنه محتال وكأن الناس أصبحوا سلعة للمزايدة عليها دون أي مراعاة لمشاعر الناس.

حري بنا بدلا من الحكم المطلق أن نفهم الحب في الأصل. مراحله, دوافعه, حاجاته وطريقه منذ البداية حتي النهاية وأن نفهم أن العلاقات الإنسانية لا تسير في خط مستقيم بل خط متذبذب يتغير بالظروف لكنه يستند إلي حجر قوي مبني عليه بناء الزواج وهو الحب الذي جمع اثنين في البداية.

ثم يبحث الكل باستثناءات بسيطة عن الحرية ثم يجهدوا أنفسهم مرة أخري في مقيداتها مدعين بأن العمر حاجز بين اثنين ينتهي غالبا إلي الطلاق.

فإن كان الإنسان يتألف من قلب وعقل وروح. كيف لنا نقول أن صفة مثل العمر يتألف منها الإنسان أيضا ؟. سيقول واحد ولكن العمر يشكل طريقة تفكير العقل ويؤثر علي تلقي القلب والمشاعر للأشياء وربما يبعث علي الروح طيف القِدَم. فيقال له الأرواح في الأصل تتآلف والقلوب تتعارف فيم بينها والعقل يزن ويوجه وينتهي بقرار زوجين معا وليس مفروضا من طرف واحد خارجي.

هل نحن نعيش عمر أم حياه ؟. هل ما يميزنا هو ما في حسابنا البنكي أو قيمة ما نرتديه من ملابس أو رفاهية سياراتنا ؟. ألن نكف أبدا عن تراجعنا كحضارة مع تقدمنا المذهل كمدينة ونقيس اشياء غالبا لا تقاس ونضعها في قوالب لا تسعها.

ليس هذا معرض للحديث عن كيفية نجاح علاقة بين اثنين أو سرد لأسباب الطلاق إنما هو تقرير لحقيقة أن نظريات المقارنة والقياس تبتذل المعني الأسمي للحب.

وإلا. علي هؤلاء اثبات العكس وعدم الإنحياز. ان نري حالات الطلاق لفئات في نفس العمر وان تطفو علي السطح مثلما يحدث مع حالات الطلاق مع فرق السن. إذا كنا سنغرق في محلية اللا شيء واللا منطق.

أو ربما يتحتم علينا مرة أخري في عالم اليوم أن نبحث أكثر عن مكنون معني الحب وأن ندرس العاطفة أكبر ونبحث عن أدوات روحية نقيس بها مشاعرنا كالسعادة والامتنان والشكر وغير ذلك من المحددات القلبية للسلوك الإنساني.

يمكننا أن نتغير كإنسانية إذا عرفنا أن الأمر أبسط من ذلك يرجع لأننا أولا وآخرا بشر ولسنا ملائكة.

***

Post a Comment

0Comments
* Please Don't Spam Here. All the Comments are Reviewed by Admin.
Post a Comment (0)

#buttons=(Accept !) #days=(20)

Our website uses cookies to enhance your experience. Learn More
Accept !